~~ فااطمة الزهــــــرااء ~~

اهلا بكم زوارنا الاعزاء افيدونا واستفيدوا منا في منتدياات
مدرسة فااطمة الزهــــــرااء الرجاء التسجيل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

~~ فااطمة الزهــــــرااء ~~

اهلا بكم زوارنا الاعزاء افيدونا واستفيدوا منا في منتدياات
مدرسة فااطمة الزهــــــرااء الرجاء التسجيل

~~ فااطمة الزهــــــرااء ~~

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى لأزهار مدرسة فاطمة الزهراء النموذجية المميزة فأهلا وسهلا بكم زوارنا الأعزاء

المواضيع الأخيرة

» موضوع عن كره السلة
موضوع عن الوحدة اليمنية I_icon_minitimeالأحد مايو 01, 2011 2:30 pm من طرف آمنه عبد القادر

» 
الغاز
موضوع عن الوحدة اليمنية I_icon_minitimeالأحد مايو 01, 2011 2:29 pm من طرف آمنه عبد القادر

» موضوع عن كرة الطائره
موضوع عن الوحدة اليمنية I_icon_minitimeالإثنين أبريل 18, 2011 9:55 am من طرف آمنه عبد القادر

» موضوع عن كره السلة
موضوع عن الوحدة اليمنية I_icon_minitimeالجمعة أبريل 15, 2011 11:12 am من طرف مرام حسام

» قرار جمهوري بشأن لائحة تحديد المناسبات التي يتم فيها عزف السلام الجمهوري وترديد النشيد الوطني
موضوع عن الوحدة اليمنية I_icon_minitimeالجمعة أبريل 15, 2011 10:59 am من طرف مرام حسام

»  قرار جمهوري بشأن السلام الجمهوري ونشيد الدولة الوطني
موضوع عن الوحدة اليمنية I_icon_minitimeالجمعة أبريل 15, 2011 10:55 am من طرف مرام حسام

» علم االجمهورية اليمنية
موضوع عن الوحدة اليمنية I_icon_minitimeالجمعة أبريل 15, 2011 10:48 am من طرف مرام حسام

» شعار الجمهورية اليمنية
موضوع عن الوحدة اليمنية I_icon_minitimeالجمعة أبريل 15, 2011 10:40 am من طرف مرام حسام

» النشيد الوطني لليمن
موضوع عن الوحدة اليمنية I_icon_minitimeالخميس أبريل 14, 2011 4:22 am من طرف آمنه عبد القادر

التبادل الاعلاني


    موضوع عن الوحدة اليمنية

    مرام حسام
    مرام حسام
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 114
    نقاط : 15031
    السٌّمعَة : 3
    تاريخ التسجيل : 23/12/2010
    الموقع : عدن ((اليمن))

    موضوع عن الوحدة اليمنية Empty موضوع عن الوحدة اليمنية

    مُساهمة من طرف مرام حسام السبت مارس 19, 2011 8:24 am

    مسيرة الوحدة:
    في نوفمبر 1989 صدقت القيادتان السياسيتان في شطري اليمن على دستور الوحدة، وتم تحديد فترة عام للتصديق عليه من قبل السلطتين التشريعيتين في الشطرين ومن ثم إحالته إلى استفتاء شعبي لكي تدخل عملية الوحدة إلى حيز التنفيذ في حالة الانتهاء من اجراءات التصديق والاستفتاء، إلا أن هناك متغيرات أفرزت بعض المؤثرات أدت إلى التعجيل وإعلان دولة الوحدة في الثاني والعشرين من شهر مايو 1990 قبل الموعد المقترح لقيامها بحوالي ستة أشهر. ومع قيام دولة الوحدة تغيرت ملامح الصورة السياسية والجغرافية في جنوب الجزيرة العربية. فقد ارتبط التغيير بطبيعة التجربة السياسية الجديدة التي اقترنت بقيام الدولة الجديدة، والمتمثلة في تجربة التعددية الحزبية المفتوحة، وإعادة بناء الدولة الموحدة وفق أسس ومبادئ ومعايير وحدوية شاملة منهية بذلك ميراث التشطير وما ارتبط به من تخلف وتعثر لمحاولات التنمية. وعلى الرغم من التوافق الكبير في مقومات الوحدة اليمنية بين الشطرين، كما ذكرنا ذلك في المبحث الثاني، إلا أن التباين في دوافع الوحدة عند قيادتي الشطرين، وعدم تحقيق الوحدة انطلاقا من المقومات السابقة انعكس على مسار الوحدة وأوجد فجوة كبيرة بين مقومات الوحدة والدوافع التي قامت على أساسها الوحدة، الأمر الذي جعل مشروع الوحدة يمر بأزمات متعددة خلال فترة وجيزة منذ قيام الوحدة في عام 1990 حتى محاولة الانشطار في عام 1994. فالوحدة اليمنية منذ الأيام الأولى لقيامها واجهت مجموعة من العوامل أعاقت تطورها ونموها. هذه العوامل لا تعدو أن تكون افرازات لدوافع الوحدة ، هذه العوامل يمكن إجمالها في العوامل التالية:
    أولا/ قيام الوحدة بين القيادات السياسية:
    إن من أهم العوامل التي أثرت على مسار الوحدة اليمنية، أنها تمت بين القيادات السياسية في الشطرين بعيداً عن التفاعلات الشعبية. فالظروف الفكرية والسياسية والنفسية كانت قد تهيأت وبعمق لدى الشعب اليمني في الشطرين نتيجة للتوافق الكبير في مقومات الوحدة، ولم يبق سوى توفير الأطر اللازمة للوحدة. إن هناك اتفاق على أن مشروع الوحدة اليمنية كان القاسم المشترك بين كافة القوى والتيارات السياسية، بل هو مطمحاً مشتركاً بين مختلف مكونات المجتمع اليمني ونخبه المختلفة، إلا أن آليات تحقيق الوحدة لم تحظ بنفس الاجماع. لقد اتخذت القيادتان السياسيتان في الشطرين قرار الوحدة لقطع الطريق على قوى المعارضة في الشطرين من التأثير على مكانة وسلطة كل من الحزبين الحاكمين ولموقف القوى من الأسلوب الذي تمت به الوحدة. فالاتفاق على قيام الوحدة بين النظامين جاء من القيادات السياسية، الأمر الذي يجعل من قرار الوحدة أقرب إلى صيغة فوقية، وليس صيغة قاعدية شعبية ومؤسسية، مما أدى إلى تهميش دور القوى السياسية والاجتماعية، بل وغياب دور ومشاركة الإرادة الشعبية في قيام الدولة ومؤسساتها وشكل النظام السياسي فيها. إن الوحدة بين الدول يمكن تحقيقها إذا كان ذلك يعكس رغبة وإرادة الشعب، لكن إذا كانت الوحدة هي رغبة القيادات السياسية فإن عمرها عادة يكون قصيراً، والوحدة اليمنية في إطارها الذي تحققت فيه فهي تعكس رغبة القيادات السياسية ولم تعكس الإرادة الشعبية، كما يؤكد على ذلك Fred Halliday حيث يقول "أما الوحدة اليمنية فقد كانت مبادرة مستعجلة تناهت سريعاً إلى كارثة سياسية". فقرار الوحدة اليمنية "قد غاب عنه بعد هام وهو المتعلق بالدور الشعبي المصاحب للعمل الرسمي.... وذلك الغياب يعد أحد مكامن القصور الرئيسية التي بات على القيادة السياسية والأجهزة الشعبية تداركها في مراحل لاحقة." ونتيجة لغياب الدور الشعبي برزت ثلاثة اتجاهات تعارض الصيغة التي تمت بها الوحدة، هذه الاتجاهات تمثلت في: (أ) القوى الإسلامية: وقد تركزت معارضتها حول رفض الوحدة على أساس دستور 1981 الذي تراه بأنه لايستند إلى القيم والمعايير الإسلامية ولا يلتزم بالثوابت الدينية والاجتماعية للمجتمع اليمني، وأنه "جاء ليعتمد الاشتراكية كأساس لإقامة العلاقات وتوجيه الطاقات ... وأن هذا الدستور أهدر كل المكاسب التي قامت الثورة اليمنية في 26 سبتمبر سنة 1962 من أجل تحقيقها". وقد اشترط هذا التيار "تعديل الدستور على أن ينص صراحة بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للقوانين جميعاً، وأن مصدر الدستور هو الكتاب والسنة،" بالإضافة إلى رفضها مشاركة الحزب الاشتراكي على أساس أن الوحدة التي تتم بمشاركة الحزب الاشتراكي وحدة غير إسلامية. (ب) القوى السياسية المعارضة في الشطر الجنوبي: هذه القوى ترفض عملية الوحدة بشكلها الذي تمت به إنطلاقاً من أنها في الأصل قوى معارضة لتجربة حكم الحزب الاشتراكي في الشطر الجنوبي، ولذلك ترى أن عملية الوحدة تساعد على إبقاء وترسيخ مكانة الحزب الاشتراكي في السلطة في حين أن الواقع الشعبي يرفض ذلك. (ج) أما الاتجاه الثالث فهو إتجاه أكثر اعتدالاً من الإتجاهين السابقين، حيث يتمثل في القوى السياسية المؤيدة للوحدة التي تؤكد على إنجاز الوحدة على نحو واضح ومن خلال آلية تسمح لجميع شرائح المجتمع اليمني بالمشاركة الفعالة في عملية الوحدة، لكنها ترفض اقتصار المناصب الحكومية على أعضاء التنظيمين الحاكمين في الشطرين.

    ثانياً/ عدم الأخذ بالصيغة الفيدرالية عند قيام الوحدة:
    الفيدرالية صيغة من صيغ الوحدة، وهي اتحاد ينشأ بين دولتين أو أكثر عن طريق الرضا والقناعة بين أطراف الاتحاد، يؤدي إلى دمج Amalgamation وحدات سياسية مستقلة وتشكيل كيان سياسي جديد، مع الأخذ في الاعتبار التوزيع العادل للقوى بين هذه الوحدات وتحديد العلاقة بين المؤسسات المكونة للاتحاد والمؤسسات الاتحادية الناشئة، وبموجبه يتنازل الأعضاء عن بعض السلطات السيادية لصالح الحكومة (المركزية) الاتحادية. ولقد ظهر الاتجاه الفيدرالي بشكل منظم بعد الحرب العالمية الثانية كوسيلة لبناء كيان سياسي موحد في أوروبا لحفظ الأمن والاستقرار في القارة، خاصة بعد فشل عصبة الأمم في وقف الصراعات الإقليمية. ويرى أصحاب هذا الاتجاه أنه حقق هدفين في القارة الأوروبية. الأول أنه أنهى الصراعات والحروب البينية المزمنة في القارة. فلم تسجل حالة حرب واحدة بين أعضاء المجموعة الأوروبية منذ تشكيل أول مؤسسة فيدرالية سياسية في أوروبا "مجلس أوروبا" عام 1949. أما الهدف الثاني هو تحقيق بناء المؤسسات التكاملية الرسمية والشعبية والتي تعتبر أساس مقومات الوحدة الأوروبية الأمر الذي أدى إلى حالة من التقارب العضوي لجميع دول القارة. فالنتيجة النهائية من الفيدرالية هي تشكيل مؤسسات فيدرالية والتي بدورها ستؤدي إلى تكامل في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن ثم السياسية الأمر الذي يؤدي إلى قيام دولة مركزية فيدرالية سلمياً.
    والفيدرالية هي أنسب صيغة وحدوية للحالة اليمنية. فهي تؤدي إلى التكامل ومن ثم الوصول إلى الوحدة السياسية بين الشطرين في إطار الوسائل السياسية ومن خلال المؤسسات السياسية للشطرين. وبما أن الوحدة اليمنية تمت بين النظامين السياسيين، فيفترض أن أن تطبق الصيغة الفيدرالية لأنها تؤدي إلى تحييد العنف واستخدام القوة بين الشطرين وتؤدي في النتيجة النهائية إلى وحدة إندماجية.

    ثالثاً/ الأخذ بالوحدة الاندماجية:
    إن من العقبات التي واجهت الوحدة اليمنية أنها لم تبحث في شكل وإطار الوحدة قبل إعلانها. إن متخذي القرار السياسي في الشطرين لم يطرحوا الصيغ المتعددة للوحدة، كالكونفدرالية أو الفدرالية، أو التكامل السياسي أو الاقتصادي، وهي أساليب التدرج للوصول إلى الوحدة المطلوبة، ولذلك تبنت القيادات اليمنية اسلوب الاندماج السياسي Political amalgamation بدلاً من التكامل السياسي Political integration. على الرغم من أن موقف الحزبين الحاكمين من شكل الوحدة كان متبايناً في بداية الأمر، حيث تبادلا المشروعات حول شكل دولة الوحدة في سبتمبر 1989. ففي حين كان مشروع الشطر الجنوبي يشمل نقاطاً منها:
    (أ‌) يحتفظ الشطران بهويتهما السياسية الخارجية والداخلية.
    (ب‌) ينشأ اتحاد مؤقت بين الشطرين يقر مجلس الرئاسة تسميته.
    (ج‌) ينشأ مجلس رئاسة اتحادي من الشطرين يحدد قوامه واعضاءه القانون الأساسي للاتحاد.
    (د‌) ينشأ مجلس وطني اتحادي ويتم اختيار أعضائه من الشطرين بالتساوي.
    وهذا المشروع يوضح مدى تخوف الشطر الجنوبي من مسألة الوحدة الاندماجية وتأكيده على الاحتفاظ بكيانه السياسي في إطار من الوحدة الفيدرالية. وقد كان هذا هو موقف النظام في الشطر الجنوبي منذ توقيع أول اتفاقية وحدة بين الشطرين بالقاهرة عام 1972 فقد "عرض الوحدة بالطرق السلمية، على أن تتم بشكل متدرج من خلال تشكيل مجلس مشترك من هيئة الرئاسة والمجلس الجمهوري." لكن الضغوط الداخلية والخارجية كانت أقوى من أن تواجه لقبول الوحدة الإندماجية بين الشطرين. أما الشطر الشمالي فقد كان مشروعه يتمحور حول "وجود شخصية دولية واحدة أمام المجتمع الدولي، بمعنى ذوبان الشخصية الدولية للشطرين في شخصية واحدة، وأن يكون لها قيادة واحدة." بالإضافة إلى التأكيد على دمج المؤسسات المهمة مثل وزارة الخارجية والدفاع. وينطلق الشطر الشمالي من إصراره وتأكيده على الوحدة الإندماجية أنه يمتلك لعدد أكبر من أوراق اللعبة السياسية، أهمها الكثافة السكانية وتعدد الموارد الطبيعية ودرجة أداء الاقتصاد نتيجة للدعم الاقتصادي من الدول الخليجية. أما الشطر الجنوبي فكان يمر بأزمة سياسية نتيجة للصراع على السلطة، وأزمة اقتصادية خصوصاً مع انهيار الاقتصاد السوفياتي، الدولة التي كان الشطر الجنوبي يقتبس منها نموذجه السياسي والاقتصادي ويحصل منها على الدعم الاقتصادي والتأييد السياسي. لهذه الأسباب بدأ الشطرالشمالي التأكيد على الوحدة الاندماجية، آخذاً في الاعتبار أن الوضع السياسي والاقتصادي للشطر الجنوبي لا يساعده على رفض الوحدة. ولذلك يعتقد الشطر الجنوبي أن الوحدة الاندماجية فرضت عليه نتيجة لأوضاعه السياسية والاقتصادية، فالشكل الاندماجي ليس من أولويات الشطر الجنوبي، ولذلك فالافرازات السياسية لعدم القناعة بالشكل الاندماجي تمثلت في مقدار العداوة التي كانت قائمة بين رأسي الحكم في اليمن منذ التوقيع على مشروع قيام الوحدة في مايو 1990 حتى محاولة الانشطار عام 1994. وهذا يوضح أن قيام الوحدة الاندماجية بين الشطرين قد فتح باب الصراع والمنافسة والمواجهة بين قطبي الوحدة أكثر مما ساعد على التقارب والتكامل وبناء المؤسسات الوحدوية.
    ومع أن الشطرين يتسمان بقدر كبير من التجانس الداخلي حضارياً واجتماعياً وإمكانية توحدهما كبيرة إلا أن الأخذ بالوحدة الاندماجية مسألة صعبة التحقيق لأنها تحمل في طياتها خطراً كبيراً إذا لم تتحقق معايير وشروط الاندماج، التي سوف نستعرضها في الفقرة (و)، ففي هذه الحالة يفرض الطرف الأقوى هيمنتة على الطرف الأضعف في حالة تباين القوة بينهما وفي حالة غياب المؤسسات الديموقراطية والقوى الشعبية الفاعلة والرأي العام المؤثر, وبالتالي فإن الشكل الفيدرالي قد يكون أكثر اتساقاً للحالة اليمنية من الاندماج بين القيادات السياسية لعدد من الأسباب، منها: (أ) أن أي شكل من أشكال التوحد السياسي ينبغي أن يتم بين أنظمة حاكمة متشابهة شكلاً ومتسقة مضموناً في توجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. والنظامين الحاكمين في الشطرين ليسا كذلك. فالنظام في الشطر الجنوبي يسير اقتصاده على أساس التخطيط المركزي وتدخل الدولة في الاقتصاد ويرتبط بعلاقات صداقة وتحالف مع الكتلة الاشتراكية، بينما النظام في الشطر الشمالي يسوده الاقتصاد الحر والعلاقات الرأسمالية ويرتبط مع المعسكر الرأسمالي. (ب) أنه من الصعوبة بمكان القفز فوق الإرث السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعقائدي الذي كونه النظامان السياسيان خلال عقدين من الزمان، خاصة إذا كان النظام في الشطر الجنوبي قد تبنى المنهج الماركسي وحكم النخبة المؤدلجة سياسياً واقتصادياً وفكرياً واجتماعياً، أما في الشطر الشمالي فلم تنبثق منذ الثورة 1962 "كتلة محورية في الدولة تتجمع من حولها العناصر الفاعلة". وبقي النظام في الشطر الشمالي تحكمه المؤسسة العسكرية المرتبط بحكم النظام القبلي التقليدي. وقد عبر عن هذا الرأي وزير خارجية اليمن الأسبق عبد الله الأصنج عندما قال: "كنت وما زلت اعتقد أن التدرج في الوحدة من المنطلق الفيدرالي أو الكونفيدرالي على طريق الوحدة الاندماجية الكاملة هو الأفضل، حيث تكون قد اجتازت مرحلة التغلب على التناقضات الاجتماعية والاقتصادية، التي سادت المجتمع اليمني في الشطرين." (ج) الأخذ في الاعتبار حقيقة المجتمع اليمني قبل الوحدة، "فقد كان منتظماً في دولتين بخلفيتين سياسيتين متباينتين نتيجة لحكم الإمامة في الشمال والاحتلال البريطاني في الجنوب. لكن الأهم من ذلك أن نظامي الحكم في الشطرين، بعد التخلص من حكم الإمامة والاحتلال البريطاني معاً، تباينا على نحو جذري كما هو معلوم في صيغة الحكم أو نهج تنظيم الاقتصاد." ولكن يبقى أن نؤكد أن الوحدة اليمنية تمت بين دولتين لكل منهما سيادتها وشخصيتها القانونية الدولية، وحدودها الدولية المعترف بها، ومؤسساتها الدستورية، ومعترف بهما ضمن معاهدات واتفاقيات دولية، وكانت على رأس النظامين نخبتان حاكمتان متمايزتان بل مختلفتان سياسياً وأيديولوجياً، وكان من الضروري التوفيق بينهما كي تقوم الوحدة. (د) إن التجارب الوحدوية السابقة قد دلت على أن الوحدة الاندماجية الفورية بين دول ذات سيادة قد لا يكتب لها النجاح وقد يكون مصيرها الانهيار. ويرجع ذلك إلى إزدواجية هياكل السلطة في تلك الدول. فكل دولة لها مؤسساتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، وقد تكون في حالة قوة وترفض الاندماج مع مؤسسات الدولة الأخرى، خوفاً من هيمنة مؤسسات الطرف الآخر أو فرض نموذجه السياسي والاقتصادي. ولذلك كل هذه المؤسسات ستقاوم عمليات الاحتواء والضم أو الإلحاق لمؤسسات الطرف الآخر. هذه الرؤية عكستها مواقف القيادة السياسية في الشطر الجنوبي عام 1989 عند طرح مشروع الوحدة. فقد أكدت على قيام اتحاد مؤقت بين الشطرين على أن يحتفظ كل منهما بهويته السياسية الداخلية والخارجية.
    (هـ) أن خطوات الوحدة الاندماجية بين الدول كلما جاءت من البنية الأساسية / التحتية وبالتدريج، ومن خلال التقريب والتفاعل المباشر بين كافة النشاطات الأساسية في المجتمع كالاقتصاد والثقافة والتعليم والسياسة والأمور الدستورية كان ذلك أكثر ضمانة لنجاحها. فعندما تأتي الوحدة من القاعدة وتمتد إلى المؤسسات العليا يصبح دمج أو توحيد القيادات السياسية أمراً يسيراً لأنه يرتكز على أسس تحتية ثابتة وراسخة. فالمحاولات الاندماجية أو الوحدوية التي تبدأ بقرارات سياسية من قمة الهرم السلطوي في الدولة يكون مصيرها غالباً إلى الفشل.
    (و) إن الاندماج السياسي بين القيادتين السياسيتين لا يضمن الوحدة الشاملة بين الدولتين. فالوحدة بن دولتين ذات سيادة لا يمكن تحقيقها، كما يقول أحد المفكرين السياسيين، "بجرة قلم." إن للوحدة الإندماجية الفورية بين الدول معايير وشروط عامة، وردت في أدبيات الفكر السياسي الوحدوي يجب توفرها لكي تنجح الوحدة، وتشمل تلك الشروط: [1] أن تكون هناك دولة واحدة فقط من الدول المتحدة تتسم بالقوة السياسية والاقتصادية والعسكرية تقوم برعاية الوحدة والدفاع عنها وتوفر جميع المتطلبات الأساسية للمجتمع في دولة الوحدة. [2] أن تقوم الوحدة قبل قيام هياكل السلطة في الدولة الثانية وذلك لتجنب الصراع والتناقض بين المؤسسات السياسية في الدولتين المتحدتين (ففي حال اليمن يفترض أن تقوم الوحدة اليمنية بعد إعلان استقلال الشطر الجنوبي مباشرة، وعدم إعطاء الفرصة لقيام المؤسسات السياسية في الشطر الجنوبي التي قد تعيق قيام الوحدة)، أو بعد إنهيارجميع المؤسسات السياسية إنهياراً تاما ًفي إحدى الدولتين، كما هي الحالة الألمانية، عندما انهارت المؤسسات السياسية في ما كان يعرف بألمانيا الشرقية عام 1990، الأمر الذي فرض على ألمانيا الغربية تحمل الموقف والرضوخ لإرادة الشعب الألماني في الشطر الشرقي لإعادة توحيد الدولة. فازدواجية المؤسسات السياسية في دولة الوحدة قد يسبب صراعاً بين هذه المؤسسات الأمر الذي يؤدي إلى فشل مشروع الوحدة. [3] أن تقوم الدولة الراعية للوحدة بمساعدة المجتمع في الدولة الثانية من حيث الإعمار والبناء والعمل على تهيئة المجتمع لمرحلة وحدوية جديدة تزول فيها أسباب التشطير ورواسبه، بعيداً عن إثارة الفروق الاجتماعية ومحاولة إعادة بناء هوية المجتمع في الدولتين على أسس من العدل والمساواة. [4] أن تحافظ الدولة الراعية للوحدة على كافة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية لجميع الأفراد في دولة الوحدة، وأن تسمح لمختلف القوى السياسية في دولة الوحدة بالمشاركة السياسية الفعالة. [5] تحقق شرط الديموقراطية، فالوحدة التي تتم في إطار الأنظمة الديموقراطية تعكس الرغبة والإرادة الشعبية، بعكس الوحدة الفوقية التي تعكس إرادة ورغبة القيادات السياسية. ففي ظل غياب آليات الديموقراطية والمؤسسات الدستورية، تحاول الدولة الأقوى أن تلغي الطرف الآخر أو السيطرة عليه. فالتاريخ المعاصر يوضح أنه لم يحدث أن تحققت وحدة واستمرت في ظل الأنظمة الشمولية. [6] أن الوحدة الاندماجية بين الدول تحتاج إلى فترة طويلة من التعاون والتنسيق والتكامل وذلك لكي تتوطد التفاعلات بين المؤسسات السياسية المختلفة، والعمل على توازن وتحقيق المصالح بين الأطراف المكونة للوحدة.
    أما في الحالة اليمنية فإنه منذ استقلال الشطر الجنوبي في 30 نوفمبر 1967، فقد قامت دولة ذات سيادة وذات مؤسسات سياسية وإدارية وعسكرية قوية، وكلا النظامين في الشطرين كانا يتصفان بالشمولية، وقد حكم الصراع العلاقات بين الشطرين لأكثر من عقدين من الزمن، حيث خاضت الدولتان أكثر من مواجهة عسكرية، الأمر الذي يجعل قرارات الوحدة من قمة هرم السلطة السياسية في الشطرين وفي الإطار الاندماجي المتعجل أقل نجاحاً وقبولاً وفاعلية، وأكثر تعقيداً، خاصة وقد أهملت دولة الوحدة العمل بالدستور الجديد بعد التصديق عليه من السلطة التشريعية.


    ثالثاً/ التعجيل في اتخاذ قرار الوحدة:
    في مايو 1990 تم الإعلان عن قيام الوحدة اليمنية، قبل الموعد المقترح لها بحوالي ستة أشهر، أي أن المرحلة المحددة لقيام الوحدة قد تم اختزالها إلى النصف، ولذلك فإن استعجال إعلان الوحدة قبل وقتها أوجد تداعيات أثرت على مسار الوحدة وكانت سبباً في محاولة الانشطار التي حدثت في عام 1994. فالاستعجال في إعلان الوحدة أثر على البناء المؤسسي لدولة الوحدة. فمن المعروف ألا تكون هناك وحدة ناجحة بدون بناء مؤسسي سليم يحمل فكرة الوحدة ولا يكون عبئاً عليها. فبالرغم من توفر مقومات الوحدة وعوامل النجاح من إلتقاء الإرادة السياسية بين الشطرين وخصوصية المجتمع اليمني، لكن ذلك كله قد لا يؤدي إلى نجاح التجربة في غياب البناء المؤسسي وقد برز هذا التخوف عند بعض السياسيين اليمنيين حين قال: "كنت قد عبرت عن مخاوفي – في وقت مبكر- من أن الاستعجال بالوحدة الاندماجية تحت ضغوط داخلية، ومغريات خارجية، سيؤدي إلى نتائج سلبية تضر بها." إن استعجال القيادتين لإعلان الوحدة كان الهدف منه القفز فوق الكثير من المعطيات الموضوعية والوصول بأسرع ما يمكن لإعلان الوحدة. لذلك اختارت القيادتان في الشطرين الطريق السهل السريع لتحقيق الوحدة فيما أجلت إلى ما بعد الوحدة المشاكل التي يجب أن تعالج قبل الوحدة. هذا التسرع عبر عنه قطاع واسع من الشعب اليمني والقوى السياسية والاجتماعة عندما أدركوا "خطورة التسرع في قيام الوحدة وتجاهل الظروف الموضوعية ومعطيات الواقع اليمني في كل من الشطرين بما في ذلك الاختلاف في الأنظمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتباين دور القوى السياسية الفعالة

    رابعاً/ تأثير القوى الخارجية:
    على الرغم من قيام الوحدة اليمنية بإرادة سياسية للحزبين الحاكمين في الشطرين، إلا أن قيام الوحدة بين الشطرين بالشكل المتعجل والاندماجي الذي ظهر في الاتفاقية، واسراعهما بتصفية خلافاتهما، لا نجد له تفسيراً في استعراض حقيقة العلاقات السابقة بينهما، وذلك يثير تساؤلات عدة حول ما إذا كانت الوحدة واستعجالها قد تمت نتيجة لتأثير قوى خارجية. لا شك أن للقوى الخارجية دوراً فعالاً في قيام الوحدة. فالوحدة اليمنية أخذت أكثر من عشرين عاماً تراوح بين المد والجزر دون أن تحقق شيئاً، بل لقد وصل الشطران إلى مرحلة التشابك العسكري والنزاع المسلح غير المتوقع بينهما، وان الإعلان المفاجئ بقيام الوحدة بين القيادتين السياسيتين وبشكلها الإندماجي أعط بعض المؤشرات على وجود تأثيرات خارجية أدت إلى ذلك. لذلك سوف تستعرض هذه الدراسة، ومن المنظور الاقليمي، نوعين من القوى الخارجية ذات التأثير المباشر على قيام الوحدة:
    (أ) تأثيرات خارجية إيجابية: ويقصد بذلك القوى السياسية الرسمية والشعبية التي كانت تدعم قيام الوحدة اليمنية، وتنقسم إلى قسمين: [1] قوى شعبية عربية، وهي القوى التي تدعم قيام الوحدة بين أقطار عربية أو جميع الأقطار العربية. غير أن هذه القوى لا تملك التأثير المباشر لتحقيق الوحدة ولكنها ترغب في تحقيق ذلك، وقد تم تهميش هذه القوى في مختلف الأقطار العربية.
    [2] قوى سياسية إقليمية تهدف من قيام الوحدة إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية واستراتيجية. هذه القوى كونت في فبراير من عام 1989 ما كان يعرف بمجلس التعاون العربي، فإذا كانت ثلاث دول من أعضاء المجلس ترتبط بروابط استراتيجة وجغرافية وسياسية وعسكرية خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، فإن علامة استفهام كبيرة توضع حول مشاركة اليمن في هذا المجلس مع أنها لا تشترك مع الدول الثلاث الأخرى في المجلس (مصر، الأردن، العراق) في الارض أو الطبيعة السكانية أو الموقع فإذا كان الهدف من دفع مصر للمشاركة في المجلس أريد منها تغطية أمور قد تم الاتفاق عليها بين الدول الثلاث الأخرى وحجب رؤية تلك الأمور عن الطرف المصري الذي عندما أدركها أعلن انسحابه من المجلس، فإن نائب الرئيس اليمني السابق قد بين أن الزعماء الثلاثة الآخرين لهم وجهة نظر في توزيع الثروة وإعادة رسم خريطة الجزيرة العربية. في إطار هذه الاستراتيجية بدأت التأثيرات الخارجية على شطري اليمن للتعجيل بإقامة الوحدة اليمنية، وذلك للاستفادة من اليمن الموحد وتحكمه في حركة الملاحة في مضيق باب المندب، لاستخدامه في تحقيق الاستراتيجيات العسكرية لتلك القوى. ذلك أن اليمن الموحد يحتل موقعاً استراتيجياً رئيسياً في الخريطة الأمنية للجزيرة العربية. فهي التي تسيطر على مضيق باب المندب المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وتتحكم في اتصاله الجغرافي بالمحيط الهندي. ومع أن هذه القوى وتأثيراتها تبدو في الإطار الإيجابي لتحقيق الوحدة اليمنية، إلا أن عملية تعجيل الوحدة وارتباطها باستراتيجيات دول اقليمية أخرى قد أضر بمسيرتها ومستقبلها واستقرارها
    (ب) مؤثرات خارجية سلبية: وتشمل جميع القوى الاقليمية المتحفظة على قيام الوحدة اليمنية إنطلاقاً من أن الوحدة اليمنية في شكلها الذي تحققت به تهدد أمن تلك القوى واستقرار المنطقة. هذه القوى ترى أن توحيد اليمن ينطلق من خلفيات تهديد لأمن المنطقة.

    جميع هذه المؤثرات الخارجية الإيجابية والسلبية أثرت على المسار الطبيعي للوحدة اليمنية الأمر الذي اوجد فجوة بين القيادات السياسية من ناحية والقاعدة الشعبية من ناحية أخرى في كلا الشطرين مما أدى إلى اشتثمار تلك الفجوة من قبل القوى الخارجية لتعطيل الوحدة.



    سادساً/ قيام الوحدة قبل أن تقوم مؤسساتها:
    والمقصود من ذلك هو أن الوحدة اليمنية قامت قبل أن تقوم مؤسسات دولة الوحدة أو أن توحد المؤسسات القائمة بصورة حقيقية وأن تعمل بروح الدولة الواحدة وليس بروح التشطير، لأن قيام المؤسسات ضمان لاستمرارية وديمومة الوحدة، فهي بمثابة صمام أمان للوحدة. ولقد كانت التعددية السياسية ومبدأ التداول السلمي للسلطة في دولة الوحدة هما المدخل الحقيقي لبناء دولة المؤسسات والمشاركة السياسية، إلا أن "التوازن العسكري والتقاسم السياسي بين الحزبين اللذين حققا الوحدة قد أفرغ العملية الديموقراطية من مضمونها الحقيقي المتمثل في بناء الدولة ومؤسساتها، حيث لا ديموقراطية من دون دولة مؤسسات، ولا دولة مؤسسات بلا ديموقراطية. وهكذا أصبحت الفترة الانتقالية فترة انتقامية جرى خلالها تصفية حسابات كثيرة بين مختلف الأطراف. . ." هذا الصراع السياسي بين الحزبين الحاكمين عطل مسيرة قيام المؤسسات السياسية، فمنذ قيام الوحدة حتى إنتهاء الفترة الانتقالية (باستثناء مؤسسة الرئاسة وبعض الأمور الشكلية: العلم الوطني، شعار الجمهورية وختمها الرسمي، النشيد الوطني، واليوم الوطني) احتفظ كل من الشطرين بمعظم المؤسسات السياسية ومن أهمها المؤسسة العسكرية، حيث بقيت قوات الشطرين تحت قيادتين منفصلتين، وذلك للمحافظة على مكاسبه السياسية وتعزيز موقعه في دولة الوحدة. وبذلك تكون دولة الوحدة قد عجزت عن دمج المؤسسات القائمة وإقامة مؤسسات وحدوية جديدة. هذه الحالة كانت تزعج مختلف القوى الوحدوية في الشطرين، وترى أن القيادات السياسية التي أقامت الوحدة تدخل في مناورات سياسية عطلت بناء المؤسسات السياسية أو دمج القائم منها. هذا ما أكد عليه أحد الرموز السياسية والدينية في اليمن عندما أكد على أن "التشطير لا يزال قائماً في أهم المؤسسات... فالجيش لا يزال خاضعاً للتشطير، وكذلك العملة، والطيران، بل القوانين السائدة لا تزال خاضعة للتشطير أيضاً. أي أن الوحدة إلى الآن لم تأخذ وضعها الصحيح في اليمن". ولذلك بقيت الوحدة، كما يرى أحد المفكرين السياسيين، "شكلية هشة ذات حكومتين وجيشين وعصبتين ولم تكن الحركة الشعبية في البلدين قد استكملت بناء قواها ومؤسساتها السياسية الوحدوية بعد. لم تكن الوحدة فعلاً بل رد فعل. وظلت أيضاً فوقية معزولة عن الواقع. وعندما حانت لحظة بلورة الوحدة ودولتها في حضن الجماهير، تصادمت مصالح الشخصيات والعصب الحاكمة في البلدين وانفجرت الحرب . . . بين "يمن" و "يمن" باسم إنقاذ 0


    سابعاً/ خطوات الوحدة تؤكد على التشطير:
    لقد طرحت القيادتان في الشطرين على أن الوحدة اليمنية هي توحيد شطرين لدولة واحدة، وتناست القيادتان أن الوحدة تمت بين دولتين لكل منهما سيادتها وشخصيتها الدولية والقانونية ونخبتها الحاكمة ومؤسساتها السياسية والاقتصادية والعسكرية. لقد أكد الشطران على هذا الوضع من خلال الأمور التالية: [1] أن الدساتير المؤقتة للشطرين قد خلت من أي إشارة لقضية الوحدة اليمنية حتى عام 1970، بالرغم من وجود كيانين سياسيين وقانونيين، يتبادلان الإعتراف بشرعية كل منهما. وهذه كانت إحدى المعضلات التي كانت تواجه الوحدة اليمنية. فلم تطرح الوحدة اليمنية في دساتير الشطرين إلا في عام 1970، حيث طرحت قضية الوحدة اليمنية لأول مرة في الدستور الدائم للشطر الشمالي في ديسمبر 1970. فقد نص في مادته الخامسة على ما يلي: "اليمن كل لا يتجزأ، والسعي لتحقيق الوحدة اليمنية واجب مقدس على كل مواطن". أما الشطر الجنوبي فقد نص على قضية الوحدة في أكثر من فقرة في الدستور الصادر في نوفمبر 1970. هذا التأخر في إدراج قضية الوحدة اليمنية في دساتير الشطرين أضعف التوجه الوحدوي رسمياً وشعبياً، وأظهر القبول بالوضع التشطيري القائم.
    [2] أن الاتفاقيات الوحدوية التي تمت بين الشطرين بعد كل مواجهة عسكرية تؤكد على سيادة واستقلالية كل شطر وأن الوحدة بينهما هي وحدة بين دولتين وليس بين شطرين. فقد نصت المادة الأولى من إتفاقية الوحدة التي تم التوقيع عليها في القاهرة عام 1972 على ما يلي: "تقوم وحدة بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية تذوب فيها الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد، وقيام دولة يمنية واحدة". كذلك نصت المادة الأولى من اتفاقية الوحدة التي وقعها الشطران في عام 1990 "تقوم بتاريخ 22 أيار (مايو) 1990 بين دولة الجمهورية العربية اليمنية ودولة جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، وحدة اندماجية كاملة تذوب فيها الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد يسمى الجمهورية اليمنية". ونصوص هذه الاتفاقيات توضح مدى تعمد الشطران على التأكيد على استقلالية كل منهما والاعتراف الصريح بأن الوحدة ليست بين شطرين لدولة واحدة، بل وحدة بين دولتين، كأي دولتين تتفق على إقامة وحدة بينهما. وهذا يحتاج إلى الأسلوب التدرجي في الوحدة وليس إندماجاً على الصيغة التي تمت بها.
    [3] على المستوى الرسمي تم تشكيل الهياكل السياسية والقانونية اللازمة لنظام حكم اندماجي: الدستور، البرلمان، الانتخابات والمؤسسات البيروقراطية. لكن على المستوى الفعلي بدا أن كل من القياديتن السياسيتين "يفتقر إلى حسن النية والثقة بالطرف الآخر" وكانت كل منهما "تناور للمحافظة على استقلاليتها وتوسيع نطاق سلطتها على حساب الطرف الآخر."

    ثامناً/ استبعاد القوى السياسية من المشاركة في الحكم:
    تحقيقاً لأهداف القيادتين السياسيتين في الشطرين، فقد استبعدت حكومة الوحدة جميع القوى والفعاليات السياسية الشعبية من المشاركة في الحكم والاقتصار على عناصر من الحزبين الحاكمين. فقد تم تشكيل أول حكومة وحدة من 39 وزيراً منهم 19 وزيراً من الحزب الاشتراكي، و 20 وزيراً من المؤتمر الشعبي العام، والجدول التالي يبين هذا التقاسم للسلطة. هذه الهيمنة من الحزبين الحاكمين وتوزيع الحقائب بين أعضائه تدل بوضوح على أن الوحدة اليمنية تمت لتحقيق أهداف الحزبين الحاكمين في الشطرين بعيداً عن الإرادة والرغبة الشعبية، حيث نستنتج من الأرقام في الجدول التالي أن الحزب الإشتراكي قد حصل على وزن سياسي أكثر من وزن الشطر الجنوبي السكاني النسبي مقابل المؤتمر الشعبي العام.


    تاسعاً/ التوحيد الشكلي للقوات المسلحة:
    إن دمج المؤسسات العسكرية في الشطرين كان من أولويات ترسيخ الوحدة بين الشطرين، وذلك لأن بقاء الوحدات العسكرية على أوضاعها السابقة ، سياسياً وتنظيمياُ وقيادياً يعطي أي من القيادتين السياسيتين دعماً ومبرراً للتنصل من الإتفاقيات التي تمت بين الطرفين. وقد عقد الطرفان أكثر من خمس اجتماعات قمة لدمج القوات المسلحة (أنظر الدول رقم Cool غير أن جميع هذه الإجتماعت لم تحقق أهدافها في دمج القوات المسلحة للشطرين.
    جدول رقم (7) إجتماعات القمة بين الشطرين لدمج القوات المسلحة
    بل كل ما تم التوصل إليه هو ما يسمى بالمناقلة التبادلية بين الجيشين. فقد تم الاتفاق على نقل وحدات عسكرية من الشطر الجنوبي إلى الشطر الشمالي وكذلك نقل وحدات عسكرية من الشطر الشمالي إلى الشطر الجنوبي. أنظر الجدولين (9) و (10). وقد يكون من أسباب عدم توحيد القوات المسلحة للشطرين هو إختلاف الأيديولوجية العسكرية للجيشين، حيث كان جيش الشطر الجنوبي مسيساً لصالح الحزب الحاكم، بينما الجيش في الشطر الشمالي تسيطر عليه الولاءات القبلية والطائفية. هذه الحالة –المناقلة التبادلية- أكدت على الوضع التشطيري للقوات المسلحة وبالتالي أداة تشطير للدولة، فقد كانت الوحدات الجنوبية تتلقى تعليماتها من عدن، بينما الوحدات الشمالية تتلقى تعليماتها من صنعاء. ولذلك كانت كل قيادة، وخاصة الشطر الجنوبي، تحاول الحفاظ على قوتها العسكرية دعماً لقيادتها السياسية في حالة الانفصال.
    جدول رقم (Cool وحدات عسكرية من الشطر الجنوبي انتقلت إلى الشطر الشمالي
    إلا أن الحزب الإشتراكي لم يستفد من إنتقال وحداته إلى الشطر الشمالي، بل العكس لم يستطع الحزب الإشتراكي استعادة وحداته المتمركزة في الشطر الشمالي، فقد تم حصارها وتحييدها أثناء محاولة الانفصال التي قادها الحزب الإشتراكي، الأمر الذي أعطى الشطر الشمالي امتيازاً عددياً وولائياً تم توظيفه بشكل ناحج في هزيمة ما تبقى من قوات الشطر الجنوبي


    خاتمة:
    الوحدة اليمنية تعبر عن ظاهرة طبيعية وصحيحة بل إنها ضرورية في عالم تتجه فيه الدول والشعوب إلى التكتل في مجموعات كبيرة ومتكاملة، ولعل ما يميز الوحدة اليمنية أنها تحققت بعيدة عن القسريات والإجبار والعنف والقوة، وهي وسائل الإكراه التي لم يعد يسمح بها في هذا العصر. فالمجتمع اليمني في الشطرين يتمتع بمقومات ذاتية تنطق بشخصيته المستقلة وتعبر عن طابعه الذي يميزه عن غيره، إلا أن تحليلنا لمسارالوحدة اليمنية يوضح أنها لم تتحقق إنطلاقاً من هذه المقومات. إن الخطوات التي تبنتها القيادتان في الشطرين لم توفر الشروط الموضوعية الكافية لتحقيق الوحدة اليمنية واستمراريتها.لقد قامت القيادتان في الشطرين بتحقيق الوحدة مدفوعة بمجموعة من العوامل منها:
    (1) المناخ السياسي والإقتصادي الذي ساد العالم بعد سقوط الإتحاد السوفييتي السابق، هذا المناخ هو الذي أدى إلى التقارب بين قيادتي الشطرين، على الرغم من الإختلافات الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية.
    (2) الشعور بأهمية توحيد سياساتهما الإقتصادية خاصة بعد اكتشاف النفط في المناطق الحدودية المشتركة، وذلك كأساس للقوة الإقتصادية المتوقعة، بالرغم عدم وجود روابط سياسية أو فكرية أو اقتصادية أو أيديولوجية كافية بين النظامين.
    (3) تزايد ضغوط القوى السياسية والشعبية على النظامين بضرورة تحقيق الوحدة اليمنية الأمر الذي أدى إلى استعجال قيام الوحدة تحت تأثيرات عاطفية ودون إعداد كاف لها، وقبل قيام مؤسساتها السياسية.
    (4) إن المخاطر الخارجية، الإقليمية منها والدولية، التي كانت تهدد النظامين في الشطرين، أوجدت نوعاً من الضغوط التي دفعت القيادتين إلى تجاوز الخلافات السياسية والاقتصادية والأيديولوجية لتحقيق الوحدة.
    (5) أن القيادتين السياسيتين عملتا على قيام الوحدة خلاصاً لهما من مشاكلهما السياسية والإقتصادية والصراعات الداخلية، لا سيما الصراع على السلطة، خاصة ما حدث في يناير من عام 1986 بين الأجنحة المتنافسة داخل الحزب الإشتراكي الحاكم في الشطر الجنوبي. ولذلك كان مشروع الوحدة طريقاً لخروج أحد النظامين من أزمته السياسية والإقتصادية، بينما يحقق للطرف الآخر أهدافاً اقتصادية واستراتيجية.
    هذه العوامل ساهمت في قيام وحدة شكلية على أساس من المصالح الذاتية والأهداف المتعارضة، الأمر الذي جعل النخب السياسية الحاكمة في الشطرين غير قادرة على الارتفاع فوق خلافاتها التقليدية ومصالحها الضيقة. يقول رئيس وزراء ليبيا الأسبق، عبد الحميد البكوش، "إن الوحدة التي يمكن أن تقوم في هذا العصر هي وحدة المصالح"، حتى ولو تحققت بين دول تتسم بعلاقات قرابة أو بمقومات مشتركة للوحدة، كالدول العربية، فإنها لا تخرج عن ذلك الإطار، وما علاقة القرابة والمقومات المشتركة إلا "أداة لتسهيل قيامها ..."
    إن هناك عوامل رئيسية مشتركة تمثل الخلل البنيوي الكامن في الوحدة اليمنية والتي أدت إلى تعثر الوحدة. من بين هذه العوامل تباين الدوافع التي تقف وراء تحقيق الوحدة. كما أن الطابع الفوقي للتجرية الوحدوية اليمنية من شأنه أن يضعف المشاركة الشعبية وبالتالي الدعم الشعبي للوحدة، الأمر الذي يحول مشروع الوحدة إلى تحقيق أهداف ذاتية. والخطأ إنما كان في اسلوب العمل للوحدة، ومسؤولية عدم القدرة في ترسيخ أسس الوحدة تقع على القيادات السياسية في كلا الشطرين والتي خضعت للتأثيرات السياسية والإقتصادية، الداخلية والخارجية واستعجلت قيام الوحدة واستغلالها لتحقيق أهداف قطرية وشخصية.
    لم يأخذ مشروع الوحدة بالصيغ التدريجية للوصول إلى الوحدة الاندماجية، مثل: الفيدرالية أو الكونفدرالية أو التنسيق الاقتصادي والسياسي أو التعاون والتكامل، وإنما جاءت الوحدة من القمة في صيغة اقتسام للسلطة بين الحزبين الحاكمين في الشطرين الأمر الذي أدى إلى تهميش دور القوى السياسية والشعبية كصمام أمان لنجاح واستمرارية الوحدة.



      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 12:44 am